أول من نشر السحر في أوروبا هم اليهود ، فالدارس لتاريخ اليهود يعلم أن اليهود قد انحرف بهم المسار ، بعد أن تركوا شريعتهم ونبذوا كتاب الله وراء ظورهم وتعلقوا بالسحر في كل أشكاله ومارسوه في كل شؤون حياتهم يدلُّك على ذلك قول الله تعالى :" وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَامَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِوَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ(101)وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوالشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ 000
فبعد أن انحرف فيهم المسار ، وضعوا في تلمودهم علم تأثير النجوم واعتقدوا به فقالوا إن التنجيم علم يتحكم في حياة الإنسان ذكيا أو غنياً ، كما يقول الحاخام شانينا : " إن تأثير النجوم تجعل الرجل ذكيا وتأثيرها يجعله ثريا وبنو إسرائيل تحت تأثير النجوم
" التلمود من كتاب ظفر الاسلام خان74
والتلمود ممتليء بطقوس السحر والشعوذة والعرافة ، ويزعم الحاخامات أن إبراهيم عليه السلام كان يعرف " العرافة " ويزعمون أنه أعطى بعض الهدايا لأبنائه كانت فيها قوة السحر وكان يعلّق حول عنقه عقداً يتوسطه حجر يشفي كل من رآه " المصدر السابق ص81
وقد انتشر السحر في أوروبا بواسطة اليهود ، وكانت بداية نشرهم له في الوقت الذي استوطنوا فيه إسبانيا -تحت حكم المسلمين- حيث وجد اليهود الأمن في ظل الدولة الإسلامية العادلة ، ولكنهم استغلوا هذه الفرصة لنفث سمومهم في شتى البقاع في أوروبا ".
وقد كان للسحر والسحرة في هذه البلاد شأن عظيم عند الحكام والطبقة الراقية ، بعد أن استشرى الحسد والتنافس على السلطة بين الملوك والأمراء ، فاستعانوا بالسحر لتحقيق مآربهم وغاياتهم كما كانوا يعتقدون ، فقد كان لكل ملك أو ملكة أو أمير أو أميرة ساحره الخاص الذي يقوم بخدمته ويحقق له الأغراض .
ولم يبق السحر في تلك البلاد يعتمد على الأفراد ، بل أنشأ اليهود جمعية عرفت باسم ( القبلانية ) وأصبح لهذه الجمعية شبه مذهب وفلسفة دينية يعتمد على التلمود .
من كتاب السحر (محمد محمد جعفر ص31) .
وفي القرن الرابع عشر انتشرت القبلانية في أوروبا ابتداء من ألمانيا ونزولا الى فرنسا وإيطاليا حيث أنشأت هذه الفئة من اليهود مدرسة قبلانية سنة 1533 كانت أول مدرسة للسحر الأسود إلى أن أغلقت سنة 1572 وتطورت هذه الظاهرة فأنشئت جمعيات عدديدة مارست السحر الأسود ، الذي أذاق ملوك ورؤساء بلدان أوروبا الويلات .. وقد انتهى الأمر بمعظم السحرة في ذلك الوقت الى الإعدام أو الحرق والصلب .
أشهر السحرة : الساحر " أوربان جراندبيه " الذي ما زال عقده الذي حرّره مع الشيطان موجود في المكتبة العامة ( باريس)
الساحر " سانت جرمين " : كان يعيش عام 1743م وكان يجيد الشعروالموسيقى ، وكان يحكي لمن حوله عن وقائع حدثت في مملكة سبأ أيام إقامته فيها ، وقد خصص له ملك فرنسا آنذاك جناحاً خاصاً لإقامته بالقصر الملكي.
الساحر " كونتجاليسترو " : كان حاد الذكاء وقد أسس محفلا سحريا مثل المحافل الماسونية ووضع له قوانين وطقوس وكان يضم الكثير من عظماء ونبلاء فرنسا.
الساحر " أليستر كراولي " وهو يعتبر من أكبر السحرة في القرن العشرين توفي في عام 1947 ، تخرج من جامعة كامبردج ، وقد وصلت به الشيطنة وأعمال السحر أن سن قوانين شيطانية خاصة به ورموز وكان يقيم حفلات شيطانية لتعميد من يريد الانضمام إليه من السحرة الجدد .
ومن الشخصيات التاريخية التي التحقت بهذه الجمعيات
(جيل دي رايس ) الذي كان مرافقاً للماريشال -جان دارك- وبعد موت جان دارك أعلن أنه سلم نفسه للشيطان والتحق بمجموعة من الناس تقوم بأشنع الجرائم خاصة ضد الأولاد ، فخلال سبع سنوات اختفى ألوف الأولاد الذين يعتقد أن هذه الجمعية ضحّت بدمائهم من أجل الشيطان لعنه الله ، وبعد أن اكتشف ذلك أحرق -دي رايس- وسجلت أسماء ضحاياه في كتيب خاص بهذه الفترة من التاريخ .
مجلة الحوادث الصادرة من لندن 10/2/1984
أما في جزر ( هايتي ) و ( البرازيل ) ينتشر نوع من السحر يسمى( الفودو ) ، وهو نوع من أنواع السحر الأسود ، يقصد منه السحرة استخدام الأرواح لتحقيق أهدافهم ومقاصدهم السيئة ، ويستخدم في الفودو الدمى ومشية الموت ليجلبوا المرض والموت للشخص الذي يريدون أذيته ، وخلال الترانيم يستخدمون الدم والمني والنباتات السامة وبقايا الجثث الآدمية .
ما هو صدى السحرفي أوروبا وغيرها من البلدان اليوم ؟
لا يمرّ يوم دون أن تروي الصحف قصة من قصص السحر الواقعية ، وقد يظن الناس أن هذا اللون من الدجل مقصور اليوم على الأمم المتخلفة ، وهذا غير صحيح فإن أكثر شعوب العالم تحضرا تجري فيها طقوس السحر على نحو واسع وبطرق مختلفة تصل الى الإيذاء والقتل .
ففي فرنسا أظهر تحقيق أجرته وزارة الصناعة والبحث الفرنسية عام 1982 تقدير مدى عقلانية المواطنين الفرنسيين أن 18% من هؤلاء يؤمنون بالسحر ، أما نائبة رئيس الاتحاد العالمي للروحانيين والفلكيين في باريس كريستين داجواي فتقول : أن نسبة الذين يلجأون إليها ولزملائها حوالي 75% من الشعب الفرنسي ، ويقدر عدد السحرة والمشعوذين في فرنسا بحوالي ثلاثين ألفاً ،والأغرب من كل شيء هو أن معظم هؤلاء السحرة والوسطاء الروحيين يعملون ويمارسون نشاطهم بشكل علني أو شبه علني .
ويكفي أن يتصفح المرء هذه المجلات والجرائد ليلاحظ الإعلانات المبوبة التي تتحدث عن عجائب وغرائب قدرات هؤلاء الأشخاص السحرية والغير إعتيادية ، فهم يدعون القيام بالمستحيل كالعثور على شخص مفقود أو إعادة محبوب أو جلب ثروة أو التنبؤ بأرقام اليانصيب ، وحتى الكتيبة (كتابة الشر) للخصوم والأعداء والشفاء من الأمراض الخطيرة .
ويتجاوز مجموع مبيعاتهم السنوية الثلاثة مليارات فرنك فرنسي -هذا فقط في فرنسا-أما اتحاد الفلكيين العالميين فإن مردوده السنوي حوالي 50 مليار دولار- وليست فرنسا وحدها موطن السحرة ففي ولاية ( أوهايو ) في الولايات المتحدة ، يضحى سنوياً منذ العام 1969 بخمسة مواليد جدد على مذبح الشيطان من أجل الاحتفال بعودة الصيف . ( عالم السحر والشعوذة ص58).
وفي القرون الوسطى ، كانت السلطات تحرق السحرة أحيانا ، أما اليوم ورغم كل عمليات النصب والاحتيال التي يمارسها المشعوذون على ضحاياهم ، فإن السلطات لا يمكنها أن توجه إليهم إلا تهمة الاحتيال والابتزاز وخاصة أن الأدلة المادية والحسية في موضوع السحر خفية غير ظاهرة للعيان ، فكل ما بوسع السلطات في كثير من الأحيان هو إيقاع المحتالين في فخ الجرم المشهود ، أو طردهم بسبب وجودهم غير الشرعي .
يقول أحد مفتشي الشرطة أنه لا وثائق ثبوتية ولا براهين وبالتالي لا إمكانية قانونية على الإطلاق في ملاحقة المحتالين ومعاقبتهم ، الحل الوحيد يبدو في أن يخفف بعض الفرنسيين من إيمانهم الأعمى بالسحرة وأن ينظروا بواقعية أكثر الى الأمور . جريدةالقبس الكويتية 12/7/1988
وفي ألمانيا .. يؤمن مواطن من أصل أربعة بالسحروآثاره ، وتحوي ألمانيا 80 ألف ساحرة حتى أن شعبها اعتقد منذ ثلاث سنوات أن ( رومنيغه) أحد أبطال كرة القدم الوطنيين كان ضحية ساحر فرنسي !
- أما في الهند : وذلك في المناطق الريفية التي تجتمع فيها عوامل الفقر والمرض والجهل فإنهم يقتلون مئات الساحرات سنويا لكونهن ساحرات ينثرن بذور الشر أينما وجدن ، وتمثل الساحرةأمام مجلس القرية من الذكور وبحضور عرافة مختصة في شؤون السحر وبعد ثبوت الأدلة على الساحرة تتقرر بناء عليه العقوبة ابتداء من الغرامة وحتى الإعدام . ( زهرة الخليج - السبت 30 أيلول 2000م) العدد46