وفاة أبي طالب
علمت قريش بمرض أبي طالب ، فذهبوا إليه ، وقالوا له : إن مكانتك عندنا كبيرة كما تعلم ، وقد حضرتك الوفاة ، ونحن نريد منك أن تأخذ العهد على ابن أخيك ليكف عنا ونكف عنه ، ويتركنا وديننا ، ونتركه ودينه . فلما جاء محمد – صلى الله عليه وسلم – قال له عمه : هؤلاء أشراف مكة اجتمعوا ليعطوك ويأخذوا منك .
فقال لهم – صلى الله عليه وسلم - : نعم كلمة واحدة تعطوني إياها ، تملكون بها العرب ، وتدين لكم بها العجم .
فقال أبو جهل : نعم وأبيك ( قسم في الجاهلية ) وعشر كلمات لا كلمة واحدة .
فقال – صلى الله عليه وسلم - : لا إله إلا الله ، وتتركون عبادة الإصنام .
فصفقوا بأيديهم غيظا ً وسخريا ً ، ثم قالوا : أتريد يا محمد أن تجعل الآلهة إلها ً واحدا ً ؟ إن هذا لشيء عجيب .
وقالوا لأنفسهم : لا لن نترك دين آبائنا ، ثم تفرقوا .
فقال أبو طالب لرسول الله – صلى الله عليه وسلم - : والله يا ابن أخي ، ما رأيتك سألتهم عجبا ً ! ، فلما قال أبو طالب ذلك ، تمنى الرسول – صلى الله عليه وسلم – أن يدخل أبو طالب في الإسلام .
فقال له : قلها يا عم كلمة أضمن لك بها الجنة .
فقال أبو طالب : والله يا ابن أخي لولا أن تظن قريش أنني قلتها خوفا ً من الموت لقلتها .
ويقال : إنه مات على دينه ، وهناك من يرى أنه قد أسلم .
أما قريش فقد نزلت فيهم تلك الآية الكريمة :
(( أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ )) .
[ص : 5]
في هذا العام مات أبو طالب ، وماتت خديحة – رضي الله عنها - ، فسمي هذا العام عام الحزن ، وزاد بموتها اضطهاد قريش لمحمد – صلى الله عليه وسلم - .