فضل الإفطار
لم يكن الإسلام دين التشدد كما هي اليهودية ، بل كان دينا وسطاً ، ولذلك نجده يحرص كل الحرص على المؤمنين وصحتهم ، فكما يأمر أن تؤتى أوامره وتجتنب نواهيه ، فإننا نجده يأمرهم بالإفطار بعد غروب الشمس وينهاهم عن الوصال ، بل ويحرمه ، وما ذلك إلا رفقا بهم ، ولم يكتف عند هذا ، بل أمرهم أن يفطروا على التمر الذي يحتوي على الكثير من المواد الغذائية ذات القيمة العالية التي يحتاجها جسم الإنسان بعد ذلك الصيام ، ولا نستبق الاحداث ، فسوف نعرض لكل هذا في هذه الصفحة .
فعن عمرو بن ميمون رضي الله عنه قال (( كان أصحاب النبي محمد صلى الله عليه و سلم أعجل الناس إفطاراً و أبطأهم سحوراً )) رواة البيهقي بسند صحيح .
يستحب للصائم أن يُعجل الفطر متى تحقق غروب الشمس فعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال (( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر )) رواة البخاري و مسلم .
و ينبغي أن يكون الفطر رُطبات وتراً فإن لم يجد فعلى الماء , فعن انس رضي الله عنه قال (( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يُفطر على رطبات قبل أن يُصلى , فإن لم يكن فعلى تمرات , فإن لم تكن حسا حسوات من ماء )) رواة أبو داود و الحاكم و صححه الترمذي و حسنة .
و عن سليمان بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال (( إذا كان أحدكم صائماً , فليفطر على التمر , فإن لم يجد التمر فعلى الماء فإن الماء طهور )) رواة أحمد و الترمذي و قال حسن صحيح .
الدعاء عند الفطر و أثناء الصيام :-
روى ابن ماجة عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قال (( إن للصائم عند فطرة دعوة ما تُرد )) .
و كان عبد الله إذا افطر يقول (( اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي )) و ثبت أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول (( ذهب الظمأ و ابتلت العروق و ثبت الأجر إن شاء الله )) ، وروي مرسلاً أنه صلى الله عليه و سلم كان يقول (( اللهم لك صمت و على رزقك أفطرت )) و روى الترمذي بسند صحيح انه صلى الله عليه و سلم قال (( ثلاثة لا ترد دعوتهم : الصائم حتى يفطر و الإمام العادل و المظلوم )) .
ولا شك أن في اختيار الشارع التمر للإفطار حكمة عظيمة ، ومن هذه الحكم أنه حين يريد الصائم أن يفطر فإنه ينبه جهازه الهضمي الذي يبدأ مباشرة في عمله ، ولا شك أن الصائم في حاجة سكريات سريعة الهضم ليدفع عنه الجوع ، لأن السكريات هي أسرع المواد الغذائية يمكن امتصاصها ووصولها إلى الدم ، ومن تلك المواد السكرية نجد أن التمر هو من أفضل تلك المواد وبه حوالي 22 مادة غذائية .
وقد أظهرت التحاليل الكيميائية والبيولوجية أن الجزء المأكول من التمر يساوي 85 - 87 % من وزنه . وأنه يحتوي على 20 - 24 % ماء ، 70 - 75 % سكريات ، 2 - 3 % بروتين ، 8,5 % ألياف ، وأثر زهيد جدا من المواد الدهنية .
كما أثبتت التحاليل أيضا أن الرطب يحتوي على 65 - 70 % ماء ، وذلك من وزنه الصافي ، 24 - 58 % مواد سكرية ، 2,1 - 2 % بروتين ، 5,2 % ألياف ، وأثر زهيد من المواد الدهنية .
وكان من أهم نتائج التجارب الكيميائية والفسيولوجية - كما يذكر الدكتور أحمد عبد الرؤوف هشام ، والدكتور علي أحمد الشحات - النتائج التالية :
إن تناول الرطب أو التمر عند بدء الإفطار يزود الجسم بنسبة كبيرة من المواد السكرية فتزول أعراض نقص السكر وينشط الجسم .
إن خلو المعدة والأمعاء من الطعام يجعلهما قادرين على امتصاص هذه المواد السكرية البسيطة بسرعة كبيرة . إن احتواء التمر والرطب على المواد السكرية في صورة كيميائية بسيطة يجعل عملية هضمها سهلا جدا ، فإن ثلثي المادة السكرية الموجودة في التمر تكون على صورة كيميائية بسيطة ، وهكذا يرتفع مستوى سكر الدم في وقت وجيز .
إن وجود التمر منقوعا بالماء ، واحتواء الرطب على نسبة مرتفعة من الماء ( 65 - 70 % ) يزود الجسم بنسبة لا بأس بها من الماء ، فلا يحتاج لشرب كمية كبيرة من الماء عند الإفطار