منتديات احلامنا الحلوه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تعرف علي مرض القلوب وانواعه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
shimaa
.::عضو ماسى::.
.::عضو ماسى::.
shimaa


انثى
عدد الرسائل : 2512
العمر : 37
الحاله الأجتماعيه : اعزب
المؤهل الدراسى : حاصله على ليسانس اداب
رقم العضويه : 23
مزاجك الأن : تعرف علي مرض القلوب وانواعه Pi-ca-53
طاقه :
تعرف علي مرض القلوب وانواعه Left_bar_bleue5 / 1005 / 100تعرف علي مرض القلوب وانواعه Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 01/10/2007

تعرف علي مرض القلوب وانواعه Empty
مُساهمةموضوع: تعرف علي مرض القلوب وانواعه   تعرف علي مرض القلوب وانواعه I_icon_minitime2007-11-06, 11:36 am

وقلوب الناس كلها مرضى الأ من رحم الله...القلب هو كل شىء للانسان وبة يعقل الاشياء ويحب ويكرة
وبعد أذنك يكون لى شرف الحديث فى التوبيك الخاص بك........

مرض القلب

1. مرض القلوب وشفائها
قال شيخ الإسلام تقي الدين أحمد ابن تيمية رحمه الله تعالى الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما فصل " في مرض القلوب وشفائها " قال الله تعالى عن المنافقين : { في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا } وقال تعالى : { ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم } [ ص: 92 ] وقال : { لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا } وقال : { ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا } وقال تعالى : { قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين } وقال : { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا } وقال : { ويشف صدور قوم مؤمنين }

{ ويذهب غيظ قلوبهم } .

و " مرض البدن " خلاف صحته وصلاحه وهو فساد يكون فيه يفسد به إدراكه وحركته الطبيعية فإدراكه إما أن يذهب كالعمى والصمم . وإما أن يدرك الأشياء على خلاف ما هي عليه كما يدرك الحلو مرا وكما يخيل إليه أشياء لا حقيقة لها في الخارج . وأما فساد حركته الطبيعية فمثل أن تضعف قوته عن الهضم أو مثل أن يبغض الأغذية التي يحتاج إليها ويحب الأشياء التي تضره ويحصل له من الآلام بحسب ذلك ; ولكن مع ذلك المرض لم يمت ولم يهلك ; بل فيه نوع قوة على إدراك الحركة الإرادية في الجملة [ فيتولد من ذلك ] ألم يحصل في البدن إما بسبب فساد الكمية أو الكيفية : ( فالأول أما نقص المادة فيحتاج إلى غذاء وأما بسبب زياداتها [ ص: 93 ] فيحتاج إلى استفراغ . و ( الثاني كقوة في الحرارة والبرودة خارج عن الاعتدال فيداوى .


2. قسوة القلوب المنافية للخشوع
وقد جمع الله بين وصفهم بوجل القلب إذا ذكر وبزيادة الإيمان إذا سمعوا آياته . قال الضحاك : زادتهم يقينا . وقال الربيع بن أنس : خشية . وعن ابن عباس تصديقا . وهكذا قد ذكر الله هذين الأصلين في مواضع قال تعالى : { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون } . و " الخشوع " يتضمن معنيين : ( أحدهما ) : التواضع والذل . ( والثاني ) : السكون والطمأنينة وذلك مستلزم للين القلب المنافي للقسوة ; فخشوع القلب يتضمن عبوديته لله وطمأنينته أيضا ولهذا كان الخشوع في الصلاة يتضمن هذا وهذا : التواضع والسكون . وعن ابن عباس في قوله : { الذين هم في صلاتهم خاشعون } . قال : مخبتون أذلاء . وعن الحسن وقتادة : خائفون . وعن مقاتل : متواضعون . وعن علي : الخشوع في القلب وأن تلين للمرء المسلم كنفك ولا تلتفت يمينا ولا شمالا : وقال مجاهد : غض البصر وخفض الجناح وكان الرجل من العلماء إذا قام إلى الصلاة يهاب الرحمن أن يشذ بصره أو أن يحدث نفسه بشيء من أمر الدنيا . وعن عمرو بن دينار : ليس الخشوع الركوع والسجود ; ولكنه السكون وحب حسن الهيئة في الصلاة . وعن ابن سيرين وغيره : { كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يرفعون أبصارهم في الصلاة إلى السماء وينظرون يمينا وشمالا حتى نزلت هذه : { قد أفلح المؤمنون } { الذين هم في صلاتهم خاشعون } الآية . فجعلوا بعد ذلك أبصارهم حيث يسجدون وما رئي أحد منهم بعد ذلك ينظر إلا إلى الأرض . } وعن عطاء : هو أن لا تعبث بشيء من جسدك وأنت في الصلاة . { وأبصر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يعبث بلحيته في الصلاة فقال : لو خشع [ ص: 29 ] قلب هذا لخشعت جوارحه } . ولفظ " الخشوع " - إن شاء الله - يبسط في موضع آخر .

و " خشوع الجسد " تبع لخشوع القلب إذا لم يكن الرجل مرائيا يظهر ما ليس في قلبه كما روي : { تعوذوا بالله من خشوع النفاق } وهو أن يرى الجسد خاشعا والقلب خاليا لاهيا . فهو سبحانه استبطأ المؤمنين بقوله : { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق } فدعاهم إلى خشوع القلب لذكره وما نزل من كتابه ونهاهم أن يكونوا كالذين طال عليهم الأمد فقست قلوبهم وهؤلاء هم الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا . وكذلك قال في الآية الأخرى : { الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله } . والذين يخشون ربهم هم الذين إذا ذكر الله تعالى وجلت قلوبهم . فإن قيل : فخشوع القلب لذكر الله وما نزل من الحق واجب . قيل : نعم لكن الناس فيه على قسمين : " مقتصد " " وسابق " فالسابقون يختصون بالمستحبات والمقتصدون الأبرار : هم عموم المؤمنين المستحقين للجنة ومن لم يكن من هؤلاء ولا هؤلاء ; فهو ظالم لنفسه . وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم { اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع وقلب لا يخشع ونفس لا تشبع ودعاء لا يسمع } . [ ص: 30 ] وقد ذم الله " قسوة القلوب " المنافية للخشوع في غير موضع فقال تعالى : { ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة } . قال الزجاج : قست في اللغة : غلظت ويبست وعسيت . فقسوة القلب ذهاب اللين والرحمة والخشوع منه والقاسي والعاسي : الشديد الصلابة . وقال ابن قتيبة : قست وعست وعتت . أي يبست . وقوة القلب المحمودة غير قسوته المذمومة فإنه ينبغي أن يكون قويا من غير عنف ولينا من غير ضعف . وفي الأثر : { القلوب آنية الله في أرضه فأحبها إلى الله أصلبها وأرقها وأصفاها } . وهذا كاليد فإنها قوية لينة بخلاف ما يقسو من العقب فإنه يابس لا لين فيه وإن كان فيه قوة .

3. حياة القلب وحياة غيره ليست مجرد الحس والحركة الإرادية أو مجرد العلم والقدرة
واعلم أن حياة القلب وحياة غيره ليست مجرد الحس والحركة الإرادية أو مجرد العلم والقدرة كما يظن ذلك طائفة من النظار في علم الله وقدرته كأبي الحسين البصري . قالوا : إن حياته أنه بحيث يعلم ويقدر بل الحياة صفة قائمة بالموصوف وهي شرط في العلم والإرادة والقدرة على الأفعال الاختيارية وهي أيضا مستلزمة لذلك فكل حي له شعور وإرادة وعمل اختياري بقدرة وكل ما له علم وإرادة وعمل اختياري فهو حي . والحياء مشتق من الحياة ; فإن القلب الحي يكون صاحبه حيا فيه حياء يمنعه عن القبائح فإن حياة القلب هي المانعة من القبائح التي تفسد القلب ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم { الحياء من الإيمان } وقال : { الحياء والعي شعبتان من الإيمان . والبذاء والبيان شعبتان من النفاق } فإن الحي يدفع ما يؤذيه ; بخلاف الميت الذي لا حياة فيه [ فإنه ] يسمى وقحا والوقاحة الصلابة وهو اليبس المخالف لرطوبة الحياة فإذا كان وقحا يابسا صليب الوجه لم يكن في قلبه حياة توجب حياءه , وامتناعه من القبح كالأرض [ ص: 110 ] اليابسة لا يؤثر فيها وطء الأقدام بخلاف الأرض الخضرة . ولهذا كان الحي يظهر عليه التأثر بالقبح وله إرادة تمنعه عن فعل القبح بخلاف الوقح الذي ليس بحي فلا حياء معه ولا إيمان يزجره عن ذلك . فالقلب إذا كان حيا فمات الإنسان بفراق روحه بدنه كان موت النفس فراقها للبدن ليست هي في نفسها ميتة بمعنى زوال حياتها عنها . ولهذا قال تعالى : { ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء } وقال تعالى : { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء } مع أنهم موتى داخلون في قوله : { كل نفس ذائقة الموت } وفي قوله : { إنك ميت وإنهم ميتون } وقوله : { وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم } فالموت المثبت غير الموت المنفي . المثبت هو فراق الروح البدن والمنفي زوال الحياة بالجملة عن الروح والبدن . وهذا كما أن النوم أخو الموت فيسمى وفاة ويسمى موتا وإن كانت الحياة موجودة فيهما . قال الله تعالى : { الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى } .

وكان { النبي صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ من منامه يقول : الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور } وفي حديث آخر : [ ص: 111 ] { الحمد لله الذي رد علي روحي وعافاني في جسدي وأذن لي بذكره وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا } وإذا أوى إلى فراشه يقول : { اللهم أنت خلقت نفسي وأنت توفاها لك مماتها ومحياها إن أمسكتها فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين } ويقول : { باسمك اللهم أموت وأحيا }


4.مرض القلب
قال شيخ الإسلام رحمه الله الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وصحبه وسلم . فصل في مرض القلوب وشفائها قد ذكرنا في غير موضع : أن صلاح حال الإنسان في العدل كما أن فساده في الظلم . وأن الله سبحانه عدله وسواه لما خلقه وصحة جسمه وعافيته من اعتدال أخلاطه وأعضائه ومرض ذلك الانحراف والميل . وكذلك استقامة القلب واعتداله واقتصاده وصحته وعافيته وصلاحه متلازمة . [ ص: 139 ] وقد ذكر الله " مرض القلوب وشفاءها " في مواضع من كتابه وجاء ذلك في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى عن المنافقين : { في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا } وقال : { فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم } وقال تعالى { ويشف صدور قوم مؤمنين }

{ ويذهب غيظ قلوبهم } وقال : { قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور } .

وقال تعالى : { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين } .

وقال تعالى : { قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء } .

وقال تعالى : { فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض } .

وقال : { لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم } . وقال : { وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا } وقال النبي صلى الله عليه وسلم { هلا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال } وقال الرشيد : الآن شفيتني يا مالك وفي صحيح البخاري عن ابن مسعود " إن أحدا لا يزال بخير ما اتقى الله وإذا شك في تفسير شيء سأل رجلا فشفاه . وأوشك أن لا يجده والذي لا إله إلا هو " .

وما ذكر الله من مرض القلوب وشفائها بمنزلة ما ذكر من موتها [ ص: 140 ] وحياتها وسمعها وبصرها وعقلها وصممها وبكمها وعماها . لكن المقصود معرفة مرض القلب فنقول : المرض نوعان : فساد الحس . وفساد الحركة الطبيعية وما يتصل بها من الإرادية . وكل منهما يحصل بفقده ألم وعذاب فكما أنه مع صحة الحس والحركة الإرادية والطبيعية تحصل اللذة والنعمة فكذلك بفسادها يحصل الألم والعذاب ; ولهذا كانت النعمة من النعيم وهو ما ينعم الله به على عباده مما يكون فيه لذة ونعيم وقال : { لتسألن يومئذ عن النعيم } أي عن شكره . فسبب اللذة إحساس الملائم وسبب الألم إحساس المنافي ليس اللذة والألم نفس الإحساس والإدراك ; وإنما هو نتيجته وثمرته ومقصوده وغايته فالمرض فيه ألم لا بد منه وإن كان قد يسكن أحيانا لمعارض راجح فالمقتضي له قائم يهيج بأدنى سبب فلا بد في المرض من وجود سبب الألم وإنما يزول الألم بوجود المعارض الراجح . ولذة القلب وألمه أعظم من لذة الجسم وألمه أعني ألمه ولذته النفسانيتان [ ص: 141 ] وإن كان قد يحصل فيه من الألم من جنس ما يحصل في سائر البدن بسبب مرض الجسم فذلك شيء آخر . فلذلك كان مرض القلب وشفاؤه أعظم من مرض الجسم وشفائه فتارة يكون من جملة الشبهات . كما قال : { فيطمع الذي في قلبه مرض } وكما صنف الخرائطي " كتاب اعتلال القلوب بالأهواء " ففي قلوب المنافقين : المرض من هذا الوجه ومن هذا الوجه : من جهة فساد الاعتقادات وفساد الإرادات . والمظلوم في قلبه مرض وهو الألم الحاصل بسبب ظلم الغير له فإذا استوفى حقه اشتفى قلبه كما قال تعالى : { ويشف صدور قوم مؤمنين }

{ ويذهب غيظ قلوبهم } فإن غيظ القلب إنما هو لدفع الأذى والألم عنه فإذا اندفع عنه الأذى واستوفى حقه زال غيظه . فكما أن الإنسان إذا صار لا يسمع بأذنه ولا يبصر بعينه ولا ينطق بلسانه كان ذلك مرضا مؤلما له يفوته من المصالح ويحصل له من المضار فكذلك إذا لم يسمع ولم يبصر ولم يعلم بقلبه الحق من الباطل ولم يميز بين الخير والشر والغي والرشاد كان ذلك من أعظم أمراض قلبه وألمه ; وكما أنه إذا اشتهى ما يضره مثل الطعام الكثير في الشهوة الكلية ومثل أكل الطين ونحوه كان ذلك مرضا ; فإنه يتألم حتى يزول ألمه [ ص: 142 ] بهذا الأكل الذي يوجد ألما أكثر من الأول ; فهو يتألم إن أكل ; ويتألم إن لم يأكل . فكذلك إذا بلي بحب من لا ينفعه العشق ونحوه سواء كان لصورة أو لرئاسة أو لمال ونحو ذلك فإن لم يحصل محبوبه ومطلوبه فهو متألم ومريض سقيم ; وإن حصل محبوبه فهو أشد مرضا وألما وسقما ; ولذلك كما أن المريض إذا كان يبغض ما يحتاج إليه من الطعام والشراب كان ذلك الألم حاصلا ; وكان دوامه على ذلك يوجب من الألم أكثر من ذلك حتى يقتله ; حتى يزول ما يوجب بغضه لما ينفعه ويحتاج إليه ; فهو متألم في الحال ; وتألمه فيما بعد إن لم يعافه الله أعظم وأكبر . فبغض الحاسد لنعمة الله على المحسود كبغض المريض لأكل الأصحاء لأطعمتهم وأشربتهم حتى لا يقدر أن يراهم يأكلون ; ونفرته عن أن يقوم بحقه كنفرة المريض عما يصلح له من طعام وشراب ; فالحب والبغض الخارج عن الاعتدال والصحة في النفس كالشهوة والنفرة الخارج عن الاعتدال والصحة في الجسم . وعمى القلب وبكمه أن يبصر الحقائق ويميز ما ينفعه ويضره كعمى الجسم وخرسه عن أن يبصر الأمور المرتبة ويتكلم بها ويميز بين ما ينفعه ويضره . وكما أن الضرير إذا أبصر وجد أن الراحة والعافية والسرور أمرا [ ص: 143 ] عظيما فبصر القلب ورؤيته الحقائق بينه وبين بصر الرأس من التفاوت ما لا يحصيه إلا الله وإنما الغرض هنا تشبيه أحد المرضين بالآخر . فطب الأديان يحتذي حذو طب الأبدان .

وقد كتب سليمان إلى أبي الدرداء . أما بعد : فقد بلغني أنك قعدت طبيبا فإياك أن تقتل والله أنزل كتابه شفاء لما في الصدور . وقال تعالى : { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا } ذلك أن الشفاء إنما يحصل لمن يتعمد الدواء وهم المؤمنون وضعوا دواء القرآن على داء قلوبهم . فمرض الجسم يكون بخروج الشهوة والنفرة الطبيعية عن الاعتدال : أما شهوة ما لا يحصل أو يفقد الشهوة النافعة وينفر به عما يصلح ويفقد النفرة عما يضر ويكون بضعف قوة الإدراك والحركة كذلك مرض القلب يكون بالحب والبغض الخارجين عن الاعتدال وهي الأهواء التي قال الله فيها : { ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله } .

وقال : { بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم } . كما يكون الجسد خارجا عن الاعتدال إذا فعل ما يشتهيه الجسم بلا قول الطبيب ويكون لضعف إدراك القلب وقوته حتى لا يستطيع أن يعلم ويريد ما ينفعه ويصلح له وكما أن المرضى الجهال قد يتناولون ما يشتهون فلا [ ص: 144 ] يحتمون ولا يصبرون على الأدوية الكريهة لما في ذلك من تعجيل نوع من الراحة واللذة ولكن ذلك يعقبهم من الآلام ما يعظم قدره أو يعجل الهلاك . فكذلك بنو آدم هم جهال ظلموا أنفسهم : يستعجل أحدهم ما ترغبه لذته ويترك ما تكرهه نفسه مما هو لا يصلح له فيعقبهم ذلك من الألم والعقوبات . إما في الدنيا وإما في الآخرة ما فيه عظم العذاب والهلاك الأعظم . و " التقوى " هي الاحتماء عما يضره بفعل ما ينفعه ; فإن الاحتماء عن الضار يستلزم استعمال النافع وأما استعمال النافع فقد يكون معه أيضا استعمال لضار فلا يكون صاحبه من المتقين .

وأما ترك استعمال الضار والنافع فهذا لا يكون فإن العبد إذا عجز عن تناول الغذاء كان مغتذيا بما معه من المواد التي تضره حتى يهلك ولهذا كانت العاقبة للتقوى وللمتقين ; لأنهم المحتمون عما يضرهم فعاقبتهم الإسلام والكرامة وإن وجدوا ألما في الابتداء لتناول الدواء والاحتماء كفعل الأعمال الصالحة المكروهة . كما قال تعالى { كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم } . ولكثرة الأعمال الباطلة المشتهاة كما قال تعالى : { وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى }

{ فإن الجنة هي المأوى } .

وكما قال : { وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم } فأما من لم يحتم فإن ذلك سبب لضرره في العاقبة ومن تناول ما ينفعه مع يسير من التخليط فهو أصلح ممن احتمى حمية كاملة ولم يتناول الأشياء سرا ; فإن الحمية التامة بلا اغتذاء تمرض فهكذا من ترك السيئات ولم يفعل الحسنات . وقد قدمنا في " قاعدة كبيرة " أن جنس الحسنات أنفع من جنس ترك السيئات كما أن جنس الاغتذاء من جنس الاحتماء وبينا أن هذا مقصود لنفسه وذلك مقصود لغيره بالانضمام إلى غيره وكما أن الواجب الاحتماء عن سبب المرض قبل حصوله وإزالته بعد حصوله فهكذا أمراض القلب يحتاج فيها إلى حفظ الصحة ابتداء وإلى إعادتها - بأن [ عرض ] له المرض - دواما والصحة تحفظ بالمثل والمرض يزول بالضد فصحة القلب تحفظ باستعمال أمثال ما فيها أو هو ما يقوي العلم والإيمان من الذكر والتفكر والعبادات المشروعة وتزول بالضد فتزال الشبهات بالبينات وتزال محبة الباطل ببغضه ومحبة الحق .

ولهذا قال يحيى بن عمار : العلوم خمسة : فعلم هو حياة الدنيا . وهو علم التوحيد . وعلم هو غذاء الدين ; وهو علم التذكر بمعاني القرآن والحديث . وعلم هو دواء الدين ; وهو علم الفتوى إذا نزل بالعبد نازلة احتاج إلى من [ ص: 146 ] يشفيه منها كما قال ابن مسعود . وعلم هو داء الدين وهو الكلام المحدث وعلم هو هلاك الدين ; وهو علم السحر ونحوه . فحفظ الصحة بالمثل وإزالة المرض بالضد في مرض الجسم الطبيعي ومرض القلب النفساني الديني الشرعي . قال النبي صلى الله عليه وسلم { كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ثم يقول أبو هريرة : اقرءوا إن شئتم : { فطرة الله التي فطر الناس عليها } } أخرجاه في الصحيحين .

قال الله تعالى { وله من في السماوات والأرض كل له قانتون } .

{ وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض } إلى قوله { بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم } إلى قوله { فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون } .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
shimaa
.::عضو ماسى::.
.::عضو ماسى::.
shimaa


انثى
عدد الرسائل : 2512
العمر : 37
الحاله الأجتماعيه : اعزب
المؤهل الدراسى : حاصله على ليسانس اداب
رقم العضويه : 23
مزاجك الأن : تعرف علي مرض القلوب وانواعه Pi-ca-53
طاقه :
تعرف علي مرض القلوب وانواعه Left_bar_bleue5 / 1005 / 100تعرف علي مرض القلوب وانواعه Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 01/10/2007

تعرف علي مرض القلوب وانواعه Empty
مُساهمةموضوع: رد: تعرف علي مرض القلوب وانواعه   تعرف علي مرض القلوب وانواعه I_icon_minitime2007-11-06, 11:39 am

فأخبر أنه فطر عباده على إقامة الوجه حنيفا وهو عبادة الله وحده لا شريك له فهذه من الحركة الفطرية الطبيعية المستقيمة المعتدلة للقلب وتركها ظلم عظيم اتبع أهله أهواءهم بغير علم ولا بد لهذه الفطرة والخلقة . - وهي صحة الخلقة - من قوت وغذاء يمدها بنظير ما فيها مما فطرت عليه علما وعملا ; ولهذا كان تمام الدين بالفطرة المكملة بالشريعة المنزلة وهي مأدبة الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود : { إن كل آدب يحب أن [ ص: 147 ] تؤتى مأدبته وإن مأدبة الله هي القرآن } ومثله كماء أنزله الله من السماء كما جرى تمثيله بذلك في الكتاب والسنة . والمحرفون للفطرة المغيرون للقلب عن استقامته هم ممرضون القلوب مسقمون لها وقد أنزل الله كتابه شفاء لما في الصدور .

وما يصيب المؤمن في الدنيا من المصائب هي بمنزلة ما تصيب الجسم من الألم يصح بها الجسم وتزول أخلاطه الفاسدة . كما قال النبي صلى الله عليه وسلم { ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا هم ولا حزن ولا غم ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها خطاياه } وذلك تحقيق لقوله : { من يعمل سوءا يجز به } .

ومن لم يطهر في هذه الدنيا من هذه الأمراض فيئوب صحيحا وإلا احتاج أن يطهر منها في الآخرة فيعذبه الله كالذي اجتمعت فيه أخلاطه ولم يستعمل الأدوية لتخفيفها عنه فتجتمع حتى يكون هلاكه بها ولهذا جاء في الأثر " إذا قالوا للمريض : اللهم ارحمه يقول الله : كيف أرحمه من شيء به أرحمه " وقال النبي صلى الله عليه وسلم { المرض حطة يحط الخطايا عن صاحبه كما تحط الشجرة اليابسة ورقها } .

وكما أن أمراض الجسم ما إذا مات الإنسان منه كان شهيدا . كالمطعون والمبطون وصاحب ذات الجنب وكذلك الميت بغرق أو حرق أو هدم ; فمن [ ص: 148 ] أمراض النفس ما إذا اتقى العبد ربه فيه وصبر عليه حتى مات كان شهيدا كالجبان الذي يتقي الله ويصبر للقتال حتى يقتل ; فإن البخل والجبن من أمراض النفوس إن أطاعه أوجب له الألم وإن عصاه تألم كأمراض الجسم .

وكذلك العشق فقد روي { من عشق فعف وكتم وصبر ثم مات مات شهيدا } فإنه مرض في النفس يدعو إلى ما يضر النفس كما يدعو المريض إلى تناول ما يضر فإن أطاع هواه عظم عذابه في الآخرة وفي الدنيا أيضا وإن عصى الهوى بالعفة والكتمان صار في نفسه من الألم والسقم ما فيها فإذا مات من ذلك المرض كان شهيدا هذا يدعوه إلى النار فيمنعه كالجبان تمنعه نفسه عن الجنة فيقدمها . فهذه الأمراض إذا كان معها إيمان وتقوى كانت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم { لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له } . والحمد لله رب العالمين . وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين . وسلم تسليما .


5.
مرض القلب وشفاؤه أعظم من مرض الجسم وشفائه
قال شيخ الإسلام رحمه الله الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وصحبه وسلم . فصل في مرض القلوب وشفائها قد ذكرنا في غير موضع : أن صلاح حال الإنسان في العدل كما أن فساده في الظلم . وأن الله سبحانه عدله وسواه لما خلقه وصحة جسمه وعافيته من اعتدال أخلاطه وأعضائه ومرض ذلك الانحراف والميل . وكذلك استقامة القلب واعتداله واقتصاده وصحته وعافيته وصلاحه متلازمة . [ ص: 139 ] وقد ذكر الله " مرض القلوب وشفاءها " في مواضع من كتابه وجاء ذلك في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى عن المنافقين : { في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا } وقال : { فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم } وقال تعالى { ويشف صدور قوم مؤمنين }

{ ويذهب غيظ قلوبهم } وقال : { قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور } .

وقال تعالى : { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين } .

وقال تعالى : { قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء } .

وقال تعالى : { فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض } .

وقال : { لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم } . وقال : { وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا } وقال النبي صلى الله عليه وسلم { هلا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال } وقال الرشيد : الآن شفيتني يا مالك وفي صحيح البخاري عن ابن مسعود " إن أحدا لا يزال بخير ما اتقى الله وإذا شك في تفسير شيء سأل رجلا فشفاه . وأوشك أن لا يجده والذي لا إله إلا هو " .

وما ذكر الله من مرض القلوب وشفائها بمنزلة ما ذكر من موتها [ ص: 140 ] وحياتها وسمعها وبصرها وعقلها وصممها وبكمها وعماها . لكن المقصود معرفة مرض القلب فنقول : المرض نوعان : فساد الحس . وفساد الحركة الطبيعية وما يتصل بها من الإرادية . وكل منهما يحصل بفقده ألم وعذاب فكما أنه مع صحة الحس والحركة الإرادية والطبيعية تحصل اللذة والنعمة فكذلك بفسادها يحصل الألم والعذاب ; ولهذا كانت النعمة من النعيم وهو ما ينعم الله به على عباده مما يكون فيه لذة ونعيم وقال : { لتسألن يومئذ عن النعيم } أي عن شكره . فسبب اللذة إحساس الملائم وسبب الألم إحساس المنافي ليس اللذة والألم نفس الإحساس والإدراك ; وإنما هو نتيجته وثمرته ومقصوده وغايته فالمرض فيه ألم لا بد منه وإن كان قد يسكن أحيانا لمعارض راجح فالمقتضي له قائم يهيج بأدنى سبب فلا بد في المرض من وجود سبب الألم وإنما يزول الألم بوجود المعارض الراجح . ولذة القلب وألمه أعظم من لذة الجسم وألمه أعني ألمه ولذته النفسانيتان [ ص: 141 ] وإن كان قد يحصل فيه من الألم من جنس ما يحصل في سائر البدن بسبب مرض الجسم فذلك شيء آخر . فلذلك كان مرض القلب وشفاؤه أعظم من مرض الجسم وشفائه فتارة يكون من جملة الشبهات . كما قال : { فيطمع الذي في قلبه مرض } وكما صنف الخرائطي " كتاب اعتلال القلوب بالأهواء " ففي قلوب المنافقين : المرض من هذا الوجه ومن هذا الوجه : من جهة فساد الاعتقادات وفساد الإرادات . والمظلوم في قلبه مرض وهو الألم الحاصل بسبب ظلم الغير له فإذا استوفى حقه اشتفى قلبه كما قال تعالى : { ويشف صدور قوم مؤمنين }

{ ويذهب غيظ قلوبهم } فإن غيظ القلب إنما هو لدفع الأذى والألم عنه فإذا اندفع عنه الأذى واستوفى حقه زال غيظه . فكما أن الإنسان إذا صار لا يسمع بأذنه ولا يبصر بعينه ولا ينطق بلسانه كان ذلك مرضا مؤلما له يفوته من المصالح ويحصل له من المضار فكذلك إذا لم يسمع ولم يبصر ولم يعلم بقلبه الحق من الباطل ولم يميز بين الخير والشر والغي والرشاد كان ذلك من أعظم أمراض قلبه وألمه ; وكما أنه إذا اشتهى ما يضره مثل الطعام الكثير في الشهوة الكلية ومثل أكل الطين ونحوه كان ذلك مرضا ; فإنه يتألم حتى يزول ألمه [ ص: 142 ] بهذا الأكل الذي يوجد ألما أكثر من الأول ; فهو يتألم إن أكل ; ويتألم إن لم يأكل . فكذلك إذا بلي بحب من لا ينفعه العشق ونحوه سواء كان لصورة أو لرئاسة أو لمال ونحو ذلك فإن لم يحصل محبوبه ومطلوبه فهو متألم ومريض سقيم ; وإن حصل محبوبه فهو أشد مرضا وألما وسقما ; ولذلك كما أن المريض إذا كان يبغض ما يحتاج إليه من الطعام والشراب كان ذلك الألم حاصلا ; وكان دوامه على ذلك يوجب من الألم أكثر من ذلك حتى يقتله ; حتى يزول ما يوجب بغضه لما ينفعه ويحتاج إليه ; فهو متألم في الحال ; وتألمه فيما بعد إن لم يعافه الله أعظم وأكبر . فبغض الحاسد لنعمة الله على المحسود كبغض المريض لأكل الأصحاء لأطعمتهم وأشربتهم حتى لا يقدر أن يراهم يأكلون ; ونفرته عن أن يقوم بحقه كنفرة المريض عما يصلح له من طعام وشراب ; فالحب والبغض الخارج عن الاعتدال والصحة في النفس كالشهوة والنفرة الخارج عن الاعتدال والصحة في الجسم . وعمى القلب وبكمه أن يبصر الحقائق ويميز ما ينفعه ويضره كعمى الجسم وخرسه عن أن يبصر الأمور المرتبة ويتكلم بها ويميز بين ما ينفعه ويضره . وكما أن الضرير إذا أبصر وجد أن الراحة والعافية والسرور أمرا [ ص: 143 ] عظيما فبصر القلب ورؤيته الحقائق بينه وبين بصر الرأس من التفاوت ما لا يحصيه إلا الله وإنما الغرض هنا تشبيه أحد المرضين بالآخر . فطب الأديان يحتذي حذو طب الأبدان .

وقد كتب سليمان إلى أبي الدرداء . أما بعد : فقد بلغني أنك قعدت طبيبا فإياك أن تقتل والله أنزل كتابه شفاء لما في الصدور . وقال تعالى : { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا } ذلك أن الشفاء إنما يحصل لمن يتعمد الدواء وهم المؤمنون وضعوا دواء القرآن على داء قلوبهم . فمرض الجسم يكون بخروج الشهوة والنفرة الطبيعية عن الاعتدال : أما شهوة ما لا يحصل أو يفقد الشهوة النافعة وينفر به عما يصلح ويفقد النفرة عما يضر ويكون بضعف قوة الإدراك والحركة كذلك مرض القلب يكون بالحب والبغض الخارجين عن الاعتدال وهي الأهواء التي قال الله فيها : { ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله } .

وقال : { بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم } . كما يكون الجسد خارجا عن الاعتدال إذا فعل ما يشتهيه الجسم بلا قول الطبيب ويكون لضعف إدراك القلب وقوته حتى لا يستطيع أن يعلم ويريد ما ينفعه ويصلح له وكما أن المرضى الجهال قد يتناولون ما يشتهون فلا [ ص: 144 ] يحتمون ولا يصبرون على الأدوية الكريهة لما في ذلك من تعجيل نوع من الراحة واللذة ولكن ذلك يعقبهم من الآلام ما يعظم قدره أو يعجل الهلاك . فكذلك بنو آدم هم جهال ظلموا أنفسهم : يستعجل أحدهم ما ترغبه لذته ويترك ما تكرهه نفسه مما هو لا يصلح له فيعقبهم ذلك من الألم والعقوبات . إما في الدنيا وإما في الآخرة ما فيه عظم العذاب والهلاك الأعظم . و " التقوى " هي الاحتماء عما يضره بفعل ما ينفعه ; فإن الاحتماء عن الضار يستلزم استعمال النافع وأما استعمال النافع فقد يكون معه أيضا استعمال لضار فلا يكون صاحبه من المتقين .

وأما ترك استعمال الضار والنافع فهذا لا يكون فإن العبد إذا عجز عن تناول الغذاء كان مغتذيا بما معه من المواد التي تضره حتى يهلك ولهذا كانت العاقبة للتقوى وللمتقين ; لأنهم المحتمون عما يضرهم فعاقبتهم الإسلام والكرامة وإن وجدوا ألما في الابتداء لتناول الدواء والاحتماء كفعل الأعمال الصالحة المكروهة . كما قال تعالى { كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم } . ولكثرة الأعمال الباطلة المشتهاة كما قال تعالى : { وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى }

{ فإن الجنة هي المأوى } .

وكما قال : { وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم } فأما من لم يحتم فإن ذلك سبب لضرره في العاقبة ومن تناول ما ينفعه مع يسير من التخليط فهو أصلح ممن احتمى حمية كاملة ولم يتناول الأشياء سرا ; فإن الحمية التامة بلا اغتذاء تمرض فهكذا من ترك السيئات ولم يفعل الحسنات . وقد قدمنا في " قاعدة كبيرة " أن جنس الحسنات أنفع من جنس ترك السيئات كما أن جنس الاغتذاء من جنس الاحتماء وبينا أن هذا مقصود لنفسه وذلك مقصود لغيره بالانضمام إلى غيره وكما أن الواجب الاحتماء عن سبب المرض قبل حصوله وإزالته بعد حصوله فهكذا أمراض القلب يحتاج فيها إلى حفظ الصحة ابتداء وإلى إعادتها - بأن [ عرض ] له المرض - دواما والصحة تحفظ بالمثل والمرض يزول بالضد فصحة القلب تحفظ باستعمال أمثال ما فيها أو هو ما يقوي العلم والإيمان من الذكر والتفكر والعبادات المشروعة وتزول بالضد فتزال الشبهات بالبينات وتزال محبة الباطل ببغضه ومحبة الحق .

ولهذا قال يحيى بن عمار : العلوم خمسة : فعلم هو حياة الدنيا . وهو علم التوحيد . وعلم هو غذاء الدين ; وهو علم التذكر بمعاني القرآن والحديث . وعلم هو دواء الدين ; وهو علم الفتوى إذا نزل بالعبد نازلة احتاج إلى من [ ص: 146 ] يشفيه منها كما قال ابن مسعود . وعلم هو داء الدين وهو الكلام المحدث وعلم هو هلاك الدين ; وهو علم السحر ونحوه . فحفظ الصحة بالمثل وإزالة المرض بالضد في مرض الجسم الطبيعي ومرض القلب النفساني الديني الشرعي . قال النبي صلى الله عليه وسلم { كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ثم يقول أبو هريرة : اقرءوا إن شئتم : { فطرة الله التي فطر الناس عليها } } أخرجاه في الصحيحين .

قال الله تعالى { وله من في السماوات والأرض كل له قانتون } .

{ وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض } إلى قوله { بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم } إلى قوله { فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون } .

فأخبر أنه فطر عباده على إقامة الوجه حنيفا وهو عبادة الله وحده لا شريك له فهذه من الحركة الفطرية الطبيعية المستقيمة المعتدلة للقلب وتركها ظلم عظيم اتبع أهله أهواءهم بغير علم ولا بد لهذه الفطرة والخلقة . - وهي صحة الخلقة - من قوت وغذاء يمدها بنظير ما فيها مما فطرت عليه علما وعملا ; ولهذا كان تمام الدين بالفطرة المكملة بالشريعة المنزلة وهي مأدبة الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود : { إن كل آدب يحب أن [ ص: 147 ] تؤتى مأدبته وإن مأدبة الله هي القرآن } ومثله كماء أنزله الله من السماء كما جرى تمثيله بذلك في الكتاب والسنة . والمحرفون للفطرة المغيرون للقلب عن استقامته هم ممرضون القلوب مسقمون لها وقد أنزل الله كتابه شفاء لما في الصدور .

وما يصيب المؤمن في الدنيا من المصائب هي بمنزلة ما تصيب الجسم من الألم يصح بها الجسم وتزول أخلاطه الفاسدة . كما قال النبي صلى الله عليه وسلم { ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا هم ولا حزن ولا غم ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها خطاياه } وذلك تحقيق لقوله : { من يعمل سوءا يجز به } .

ومن لم يطهر في هذه الدنيا من هذه الأمراض فيئوب صحيحا وإلا احتاج أن يطهر منها في الآخرة فيعذبه الله كالذي اجتمعت فيه أخلاطه ولم يستعمل الأدوية لتخفيفها عنه فتجتمع حتى يكون هلاكه بها ولهذا جاء في الأثر " إذا قالوا للمريض : اللهم ارحمه يقول الله : كيف أرحمه من شيء به أرحمه " وقال النبي صلى الله عليه وسلم { المرض حطة يحط الخطايا عن صاحبه كما تحط الشجرة اليابسة ورقها } .

وكما أن أمراض الجسم ما إذا مات الإنسان منه كان شهيدا . كالمطعون والمبطون وصاحب ذات الجنب وكذلك الميت بغرق أو حرق أو هدم ; فمن [ ص: 148 ] أمراض النفس ما إذا اتقى العبد ربه فيه وصبر عليه حتى مات كان شهيدا كالجبان الذي يتقي الله ويصبر للقتال حتى يقتل ; فإن البخل والجبن من أمراض النفوس إن أطاعه أوجب له الألم وإن عصاه تألم كأمراض الجسم .

وكذلك العشق فقد روي { من عشق فعف وكتم وصبر ثم مات مات شهيدا } فإنه مرض في النفس يدعو إلى ما يضر النفس كما يدعو المريض إلى تناول ما يضر فإن أطاع هواه عظم عذابه في الآخرة وفي الدنيا أيضا وإن عصى الهوى بالعفة والكتمان صار في نفسه من الألم والسقم ما فيها فإذا مات من ذلك المرض كان شهيدا هذا يدعوه إلى النار فيمنعه كالجبان تمنعه نفسه عن الجنة فيقدمها . فهذه الأمراض إذا كان معها إيمان وتقوى كانت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم { لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له } . والحمد لله رب العالمين . وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين . وسلم تسليما .


علامات مرض القلب:


قد يمرض قلب العبد , ويشتدّ المرض , ولا يعرف به صاحبه . بل قد يموت

وصاحبه لا يعرف بموته,وعلامة مرضه او موته أن صاحبه لا تؤلمه جراحات

المعاصى, ولا يوجعه جهله بالحق, وعقائده الباطله,فإن القلب إذا كان حياً


تألم بورود القبائح عليه , وتألم بجهله بالحق. بحسب حياته وقد يشعر بالمرض

, ويشتد عليه مرارة الدواء.فهو يؤثر بقاء الألم على مشقة الدواء...

ومن علامات أمراض القلوب عدولها عن الأغذية النافعه إلى الضارة,و

عدولها عن الدواء النافع إلى دائها الضار, فالقلب الصحيح يؤثر النافع


الشافع على الضار المؤذى ,والقلب المريض بضد ذلك.


وأنفع الأغذية: غذاء الإيمان, وأنفع الأدوية,: دواء القرآن.

علامات صحة القلب :

أن يرتحل عن الدنيا حتى ينزل بالآخرة , ويحل فيها حتى يبقى كأنه


من أهلها, وابنائها , جاء إلى هذه الدّار غريباً يأخذ منها حاجته و

يعودإلى وطنه, كما قال صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر: ( كن فى

الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ). رواه البخارى وكلما مرض القلب


آثر الدنيا, استوطنها, حتى يصير من أهلها.


ومن علامات صحة القلب أنه لا يزال يضرب على صاحبه حتى ينيب إلى الله


ويخبت إليه,ويتعلق به تعلق المحب المضطر إلى محبوبته, فيستغنى بحبه عن حب


من سواه,وبذكره عن ذكرها ما سواه, وبخدمته عن خدمة ما سواه.


ومن علامات صحة القلب أنه إذا فاته ورده أو طاعة من الطاعات, وجد لذلك

ألماً أعظم من تألم الحريص بفوات ماله وفقده.

ومن علامات صحته أنه يشتاق إلى الخدمة كما يشتاق الجائع إلى الطعام و


الشراب,ومن علامات صحته: أن يكون إذا دخل فى الصلاة ذهب عنه همّه وغمّه


بالدّنيا,ووجد فيها راحته ونعيمه, وقرة عينه وسرور قلبه.


ومن علامات صحّته: أن لا يفتر عن ذكر ربّه,ولا سأم من خدمته,ولا يأنس بغيره


إلاّ بمن يدلّه عليه ويذكره به.

ومنها أن يكون اهتمامه بتصحيح العمل أعظم منه بالعمل, فيحرص على


الإخلاص فيه,النصيحة,والمتابعة,والإحسان,ويشهد مع ذلك منّة الله عليه فيه

, وتقصيره فى حق الله .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تعرف علي مرض القلوب وانواعه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات احلامنا الحلوه :: (¯`·._.·(المنتدى العام)·._.·°¯) :: القسم الإسلامى-
انتقل الى: